عاممقالات

على «حزب» وداد قلبي !

لا أدري، لماذا كلما سمعت «حليم» يغني: «على حسب وداد قلبي يا بوي»، ظننته يقول: «على حزب وداد قلبي»، فقد «ضيعنا العمر» على «أحزاب كثيرة» ولنا معها «حكايات»، حتى أصبحنا من فرط الحكايات، لا نعرف – ونحن الذين عشناها – أكانت «حلوة» أم لا، أم أنها لم تكن.

كانت الأمور محتملة، حتى ونحن ننتقد الأحزاب، التي لا تؤدي ما عليها، إلى أن أصبحت لا يعنيها حتى ما لا تؤدي، وسط استفحال لظاهرة أحزاب رجال الأعمال، التي باتت من أخطر المعضلات السياسية علي سلامة المجتمع وتؤدي إلي اضمحلال وتدني قيمة الأحزاب في مصر وتعرقل وصولها لأهدافها المنوطة بها، خاصة أن كوادر هذه الأحزاب تتفاخر بقيامها ببعض ادوار اجتماعيه بسيطة مثل تقديم المساعدات الغذائية أو غيرها من أمور الخير، تحت بصر وسمع العامة بل إن بعض أعضائها من رجال الأعمال خلقوا لأنفسهم قوى أحتكارية سيطرت علي تلك الأحزاب.

والحكمة في ذلك، تحقيق أغراضهم للوصول إلي كرسي او بمعني أصح الوصول لمصلحة خاصة حتي لو علي حساب المصلحة العامة، وعلي الرغم من أن عدد الأحزاب السياسية في مصر بلغ أكثر من ١٠٩ أحزاب ممثل منهم أقل من ١٥ حزباً في المجالس النيابية إلا أن المواطن العادي لا يعرف أكثر من ٣ أو ٤ أحزاب، لأنها الغالبية لا تشارك في أهتمامات المواطن من صحة وتعليم وغيرها.

باتت ظاهرة مؤرقة، هذا الحرص علي نشر بعض أعمال المساعدات الإنسانية في صورة إعلانات مدفوعة أو عبر مواقع التواصل الإجتماعي مع العلم أن هذا الدور من الممكن أن تقوم به بعض الجمعيات الأهلية لأن هدف الحزب أو ذاك أرقي وأسمي من ذلك، بإصلاح في جميع المجالات والحصول علي الخدمات الصحية الجيدة والقضاء علي البطالة وخلق سياسات أقتصادية واجتماعية، وأمام ما نراه، لم تعد للتعددية الحزبية فائدة.

دعونا نستوضح التعريف للحزب السياسي. إنه بكل وضوح منظمة تنسق بين المرشحين في انتخابات بلد معين يتبني أعضاء الحزب غالبًا أفكارًا متشابهة حول السياسة، بمعني أبسط أن الهدف لكل حزب هو الوصول للسلطة التنفيذية لتحقيق برنامج وأهداف محددة للإصلاح.

وأغلب الدول تمتلك أحزاباً سياسية وهو دليل علي امتلاك الديمقراطية، فالدول التي تمتلك حزباً واحد تعتبر أنظمة استبدادية ويعتبر التنافس بين حزبين أو أكثر من أسس الديمقراطية، ومن أمثلة الأحزاب السياسية في الدول المتقدمة و كدراسة مقارنة للأحزاب السياسية، الولايات المتحدة.

يهيمن علي الولايات المتحدة حزبان رئيسيان، هما الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، ومما يعبر عن أهمية الأحزاب في أمريكا أن بعض الولايات لا يسمح للمستقلين بالتصويت في الانتخابات وتعتبر الأحزاب ضمانة أساسية لحقوقهم وتحقيق أهدافهم.

أما عن الأحزاب في بريطانيا (المملكة المتحدة)، فتجري أنتخابات كل من انجلترا وويلز واسكتلندا وايرلندا الشمالية في يوم واحد، والأحزاب السياسية الأكبر في بريطانيا هي حزب المحافظين وحزب العمال والحزب الليبرالي الديمقراطي، وكل حزب يدعم مرشحًا في كل دائرة من الدوائر الانتخابية في جميع أنحاء البلاد.

والأحزاب السياسية هنا تسعي للفوز في الانتخابات حتي تتمكن من وضع أفكارها موضع تنفيذ، وعند تمكن حزب من الفوز بأكثر من نصف المقاعد في مجلس العموم، عندئذ يصبح زعيمه رئيسًا للوزراء ويشكل الحكومة ويمكن هنا للحزب أن ينفذ كافة أفكاره وخططه خلال التصويت.

أما وضع الأحزاب في مصر، فلا يزال يراوح نفسه، غالبيتها، يقودها «رأسماليون» لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية، ويبقى المواطن يتفرج، في انتظار مواسم يهلون عليه فيها.

عموماً، تبقى الفائدة الأكبر لي هذا الصباح، أنني تذكرت حليم على إيقاع «على حزب وداد قلبي»، ولا زلت أرددها .. بلا أحزاب بلا وجع دماغ.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى